شماعة التجسس إرهاب


تخيل أن جارك قرر أن يضع منظار يكشف منزلك ويراقب تصرفاتك، ولم تكن تعلم عن ذلك شيء، كنت تعتقد أنه يجرم التدخل في الخصوصيات، ويحترم الطرف الآخر ولا يتجاوز الحقوق المكفولة للجميع، ويؤيد مبدأ الحريات التي تكفلها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، ولم يكتفي هذا الجار بالمنظار ووضع كاميرا لالتقاط صور لك، وأنت لا تدري عن ذلك شيء.

وفي يوم سمعت من أحد أبنائه عبارة تدل أنه يعيش معك في المنزل وليس في المنزل المجاور، توجست خيفة وبدأت في البحث عن مصدر المعلومة، لتكتشف صورك في لحظات لا يطلع عليها أحد، وتسجيلات لكل ما يدور في منزلك، ومقاطع فيديو لمعارك لا يعرف معنى الانتصار فيها إلا شريك حياتك، فكيف ستواجه الأمر.

الإيمان بحق الآخر في العيش بحرية وبدون وصاية أو رقابة يعلمه الجميع، بل ويتبنون المبدأ ويجزمون أن هذا حق مكتسب ولا يحق لأحد أن يجردك منه، ولكن إذا كان الأمر متعلق بهم فلا حرية لك، تختفي أبسط أبجديات الذوق، وتظهر أعنف العبارات وأقسى الجمل، وتجرد من حقوقك، حتى الحياة لا يريدون لك أن تستمتع بها.

هذا بالضبط ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية عندما يتعلق الأمر بنا كمسلمين، تتحجج بما يسمى إرهاب لتراقب ما يحلو لها ولا تراعي أنها ترهب لينال سكان العالم الثالث حريتهم في بلدانهم.

هذا ما كنت أقوله منذ زمن، ولم يرى العالم ذلك بعيون ثاقبة إلا لما كشف مشروع التجسس الأمريكي على الإنترنت، وشاهد العالم أجمع عدم احترام أمريكا للحريات، فهي تعلم ماذا نفعل على الإنترنت، وترصد ما هي المواقع التي تزورها، وماذا ترغب في مشاهدته، لم تراعي أنه من أبسط حقوق أن ليس لأحد حق في معرفة ماذا تفعل طالما أنه لا يخالف القانون.

بحجة مراقبة الإرهاب تطلع أمريكا على كل شيء، ويحق لها أن تحصل على أي معلومة تريدها حتى لوكنت مسالم ولم تفعل ما يخل بالقانون، فهي الوحيدة التي تحدد مدى خصوصيتك، ومقدار حريتك، فيما لا يتعارض مع مصالحها.

منذ عام 2001 وأمريكا تطارد الإرهاب وخلاياه في كل مكان، وتنتهك القانون بأسلوب أسوأ من أسلوب من يعتنق الإرهاب كمذهب ومبدأ، ومع ذلك لم ترصد لنا تعريف واضح ودقيق للإرهاب، فهو شماعة تعلق عليها كل ما تريد فعله ويخالف القانون والأعراف والحريات، ولا يهمها إن كنت تلتزم بالقانون أو لا.

ترى متى نصل إلى قناعة بأن نطالب بتعريق للإرهاب الذي تطارده أمريكا في حرياتنا وبلداننا، ونضع حداً لكل ما من شأنه أن يقيد حريتنا.

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.